تأمل سورة الأحزاب، فقد ذكر الله فيها أنواعا من (الأحزاب) التي اجتمعت لعداوة المسلمين، فذكر فيها: الكافرين والمنافقين وأهل الكتاب والذين في قلوبهم مرض والمرجفين والمعوقين وأهل الجبن والبخل عن نصر الله وغيرهم؛ لكن لما استمسك المؤمنون بربهم، كانت النتيجة: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا، وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قويا عزيزا}! قال ابن كثير: روى البيهقي وغيره كرامات كثيرة عن العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه منها: أنه سار بجيشه على وجه البحر ما يصل إلى ركب خيولهم، وقيل: إنه ما بل أسافل نعال خيولهم، وأمرهم كلهم فجعلوا يقولون: يا حليم يا عظيم. وأنه كان في جيشه فاحتاجوا إلى ماء فدعا الله فأمطرهم قدر كفايتهم، وأنه لما دفن لم ير له أثر بالكلية، وكان قد سأل الله ذلك. (البداية والنهاية) (5/374) قال شيخ الإسلام: "ينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة، وإذا سمى من يدعو لهم من المؤمنين، ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين كان ذلك حسنا"[الفتاوى22/271]
ولا يصلح أن يقول مثلا:اللهم أهلك اليهود المعتدين برحمتك يا أرحم الرحمين، بل يقول: بقوتك يا قوي يا عزيز ونحو ذلك.
وكذلك لا يدعو بقنوت الوتر في النازلة. يقدم الصهاينة النموذج الواضح لما يمكن أن يرتكبه الإنسان من جرائم حين يأمن العقوبة والمساءلة، ولهذا فإن البغي يتجسد تارة في سلوك الباغي وتارة في سلوك من يسكت على بغيه. {قتل أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود} [البروج:4، 5] الذين أحرقوا المؤمنين في الأخدود سيحرقون، ولكن أين؟ في جهنم!
{إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق} [10] أحرقوا المؤمنين في الدنيا فأحرقوا في الآخرة، وما أعظم الفرق بين حريق وحريق! [د.عبدالوهاب الطريري] (ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض) فالله تعالى قادر على أن يهلك الظالمين في لحظة، ويأخذهم على حين غرة، ولكنه ابتلى بهم عباده المؤمنين ليكشف معادنهم، ويمتحن صدقهم وصبرهم، ويستخرج جهادهم وبذلهم،ويمحص إيمانهم ويقينهم فبالابتلاء يتميز المؤمن الصادق من الدعي المنافق, ويتبين المجاهد العامل من القاعد الخامل. اليهودي في عين العالم اليوم غير اليهودي في أمسه؛ فهو اليوم مجرم منتهك للأعراف الدولية، ولا يراعي شيئاً من المواثيق الأممية، واليهود قتلة للأبرياء والمستضعفين. وكانت هذه الحقائق غائبة عن أمم الأرض، وقد تجلت لهم، وها هي تؤتي نتاجها عبر ردود الأفعال حتى ممن كان متعاطفاً مع اليهودي النتن في إسرائيل، وهي ولا ريب الخطوة الأولى في الطريق الصحيح.
(د. سعد الدريهم) ما تعيشه غزة الآن جرح كان نازفا قبل 60 عاما، وها هو ينزف من جديد لوجود نفس الأطراف، إلا أن الطرف الصهيوني اختلف في درجته، أما الطرف العربي اختلف في نوعه، فالصهيونيون مصرون على موقفهم من السفك والفتك بأسلحة أقوى، أما العرب فخلعوا فلسطين من ربقتهم إلا من عصم الله، ويبقى الله الواحد القهار، والولي النصير، نعم المولى ونعم النصير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ن صفات المنافقين نشر التشكيك والأراجيف عن ضعف المسلمين وقد تأصلت فيهم عادة نشر الأكاذيب لبلبلة الأفكار ونشر أخبار السوء، والإشاعات منذ قديم الزمان وإلى قيام الساعة ومهما مرت بالمسلمين من لحظات ضعف وهوان، فإن الله عز وجل ضمن لهذه الأمة البقاء والنصر في النهاية على أعدائهم, قال تعالى:{لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا}
قال القرطبي: سن الله عز وجل فيمن أرجف بالأنبياء وأظهر نفاقه أن يؤخذ ويقتل موازين القوى عند المسلم ترتبط بالكتاب والسنة ولا تخضع للمقاييس المادية والقوة العسكرية فالرسول استنفر المسلمين بعد أحد إلى حمراء الأسد فقيل لهم "إن الناس قد جمعوا لكم" (فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) وكانت النتيجة (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله)
فهلا رجعنا إلى النظرات والمقاييس الإيمانية.